على كل لون يا بطيستا !!

ربنا قدر عليا اركب المترو من ايام ما كان بخمسين قرش .. من ايام ماكانت الشركة الفرنسية هى اللى ماسكاه ..

وبصراحة الشركة الفرنسية كانت مخلياه زى الساعه .. كان وقتها كل مترو كان بيجى كل خمس دقايق بجد... تحسب وقتك عليه .. مفيش حاجة اسمها يتعطل .. كنت توصل الميعاد بتاعك وانت مبدر خمس عشر دقايق كمان .. وكان بصراحة مواصلة ادمية يمكن اكتر من الميكروباصات والاتوبيسات .. مكان نضيف وجميل .. كنت بحبه اكتر من بيتنا .. ياااااه كانت ايام..

ولما دخلت ثانوى بقى كانت خلاص الشركة المصرية مسكته .. وما ادراكم بقى بالشركة المصرية!! ..

كنا بندخل المترو نقلبه قعده عرب ..نقعد ناكل ونغنى.. ونتخانق طبعا - لانى كنت بركب عربية السيئات قصدى السيدات فا مبتخلاش طبعا من الخناقات -وكنا بنعمل كل حاجة ..حتى المزاكرة لاننا كنا بنقعد وقت طويل اوى فى المترو رايح جاى رايح جاى ..

ولما دخلت الجامعة بقى بدات الاحظ حاجات غريبة اوى فى المترو .. لاحظت ان المترو مش بس بقى مجال للخناقات والحوارات والمناقشات السياسية والاجتماعية وحتى طريقة عمل المحشى بالبشاميل .. لأ دا كمان بقى اشبه بالسوق من بعد مانتشر البياعين اللى بيبيعوا كل حاجة .. كل حاجة بمعنى الكلمة .. يعنى لو قاعد وغمضت عينك وفكرت تشترى اى حاجة .. هاتفتح تلاقى بياع بيحطها على حجرك ..
دانا مرة راكبة المترو فى عربية الرجالة .. دخل عيل صغير بيبيع مرايات حريمى - من اللى بتتحط فى شنط البنات .. وقعد ينادى : ايوة المرايات.. اتفرجى يامدام .. المرايات ام اتنين ونص بعنها بجنيه وبس .. ايوة المرايات ..

وفجأة بيبص حواليه لقى كل اللى قاعدين رجالة ..!
استدرك بسرعة الموضوع وبدا يغير الندا وقال :

ايوة المرايات .. اتفرج على المرايات ياباشا مرايات لجمال بناتك.. بجنيه واحد وبس! طبعا امال يبيع ازاى .. الرزق يحب الخفية ولا ايه ؟!

وبدا البياعين يتحولوا من بيع الخمارات والاسدالات وادوات الميكب والشرابات لبيع الاغذية المجمدة والخضار المتقشر والبهارات علشان راحة الست اللى بتشتغل طبعا ..
ومين عارف بكرة هانلاقيهم بيبيعوا ايه تانى ؟!
ومع التطور الطبيعى لحالة الفساد اللى فى المترو، بدأ يظهر مش بس بياعين.. لأ وشحاتين كمان .. ودول بقى من كل نوع .. شحاتين بالشحتفة وشحاتين بالبلطجة .. دا غير موضوع الورق المطبوع اللى بيبقى مكتوب فيه .. انا اسمى وحيد و اعول اسرتى ووالدى متوفى .. وعلى فكرة كلهم اسمهم وحيد .!. دا حتى مرة بنت وزعت ورق مكتوب فيه انا اسمى وحيد برده ..
والوشوش بتاعتهم بتتكرر وكلامهم بيتكرر وكأنهم فاكرين اننا بنشوفهم لاول مرة .. يعنى مرة كنت قاعده فى المترو برده ودخل راجل كبير شفته كتير اوى كاشف رجله عن جرح كبير او حرق ..وقعد يحلف بصوت عالى : وربنا انا مش شحات .. اقسم بالله انا مش شحات .. وقعد يستخدم كل اساليب الشحاتة.. يعنى طلع فى الاخر ..شحات !!
وطبعا بلاش نسال فين شرطة المترو لانهم مبيظهروش الا لما يكون حد غلبان زى حالاتى كدا ضيع تذكرته غصب عنه واتقفش عند المكن وبيتعمله محضر ويتبهدل قال ايه علشان سرق البلد فى جنيه !!
وتذكرة المترو ركبت موضة الغلا هى كمان ووصلت من نص جنيه لجنيه .. سواء رايح محطة او عشرين هى برده بجنيه .. والاشتراكات كمان غليت .. على خيبة ايه.. معرفش؟!
دا حتى ياربى لما فكرت شركات الاعلان ترفه عننا و تعمل موسيقى تتسمع فى المترو علشان تهدى الركاب ..اعتبروها الناس صداع و تطرف و ضد الدين !!
ومن الحاجت اللى لاحظتها برده موضوع عربية السواق اللى بقت ميكروباص بقى عادى انك تلقى اتنين تلاتة راكبين مع السواق .. اتنين تلاته معارف للسواق او مش معارف متفرقش .. دانا حتى بيتهيألى انهم هايرموا السواق ويفضلوا هما .. ومش مقدرين خطورة اللى بيعملوه دا .. وكمان السواق مش مقدر اهمية شغله لانه ببساطة لو انشغل لحظة عن الطريق برغيه مع اللى معاه فى العربية ممكن يتسبب فى كارثة يروح فيها الاف من اللى بيتكدسوا فى المترو كل يوم ..
اخر موضة فى المترو بقى هو نقل عربية السيدات ..
نزلت مرة اركب المترو كالمعتاد ..لقيت علامات حمرا فى الارض مكتوب عليها سيدات .. قلت دا تعسف .. حاطين اسمنا فى الارض علشان الرجالة يدوسوا عليه .. طبعا ماهى عنصرية ؟!!!!!
وبعد شوية عرفت الخبر اليقين : الستات كانوا بيتخانقوا مع بعض قاموا دوشوا السواق وصدعوه وجابولوا تربنة وخلوه يلبس فى الرصيف ..فاقالوا احسن ينقلوا عربيات الستات فى نص القطر علشان لما تحصل حادثة ..الرجالة بس هما اللى يتعجنوا على الطرفين والستات يطلعوا سلام فى النص ..
وبأمر آمر اتنقلت العربيات .. وعلشان الشركة المصرية اللى ماسكة المترو .. وعشان ثقافة المصريين مبتقبلش التغيير .. بقت الرجالة بتركب عربية السيدات عينى عينك وقدام عساكر المترو كمان وكأنهم ماصدقوا ..بالرغم من اليافطة اللى تسد عين الشمس بتاعت " مخصص للسيدات فقط "
ولما تكلم اى راجل يقولك : ماهى الساعه عدت تسعه .. حتى لو الساعه 11 الصبح !!
لكن المترو دا بصراحة كان جامد اوى فى حوار واحد .. فاكرين اضراب ابريل .. المتروبقى .. كان المحرك الشعبى للاضراب دا .. كل الناس اللى كانت بتركب المترو عرفوا موضوع الاضراب من خلال المترو .. وكانت بتقام حلقات نقاشية سياسية كامله على الموضوع دا وحصلت قدام عينى والله .. وكانت هاتتحول لمظاهرة شعبية ضد الغلاء كمان!!
يلا ربنا يخليلنا المترو يارب ويطرح فيه البركة .. و ينضف شوية يارب وميتأخرش وميتعطلش .. دانا من غيره احتاس والله يارب .. دانا لما عطل العطلة الجامدة دى كنت هاتجنن ومعرفتش اخرج من بيتنا .. هو بالرغم من كل اللى حكيته من اسرع واكتر المواصلات ادمية لحد دلوقتى يعنى .. بس يارب نحافظ على اخر حاجة باقيالنا من مظاهر التحضر .. يارب يارب !!